ناسا تكشف أن المركبات الفضائية في بعثاتها المستقبلية ستكون مدعومة بطاقة البلوتونيوم

أعلنت ناسا أنها ستتيح للعلماء المزيد من الخيارات حول كيفية تشغيل مركباتهم الفضائية المستقبلية لاستكشاف النظام الشمسي.

و سيسمح هذا للباحثين الذين يقترحون اختراعاتهم لمشروع مركبة فضائية لبرنامج ديسكفري التابع لوكالة ناسا – وهي مبادرة لتطوير بعثات فضائية في الفضاء السحيق تكلف حوالي نصف مليار دولار – بدمج نوع خاص من البطاريات المشعة في تصاميم مركباتهم. وهذا من شأنه أن يسمح لهذه البعثات بتحقيق المزيد من الإكتشافات و الغوص أكثر في الفضاء السحيق.

و يمكن الآن لمقترحات ديسكفري دمج نوع من نظام الطاقة المعروف باسم المولدات الحرارية الكهربائية العاملة بالنظائر المشعة ، أو “RTGs”. هذه المولدات مدعومة بمواد مشعة  وهي نوع من المعادن الثقيلة يسمى بلوتونيوم 238. والذي يتحلل بشكل طبيعي مع مرور الوقت ، مما ينتج حرارة يتم تحويلها إلى طاقة كهربائية.

و تستخدم وكالة ناسا “RTG” بطارية النظائر المشعة لتزويد بعض مركباتها الفضائية منذ الستينيات. ومع ذلك فقد منعت استخدام هذه الأنظمة في المقترحات المقبلة لبرنامج ديسكفري ، حيث أن الولايات المتحدة كان لديها إمدادات محدودة للغاية من البلوتونيوم 238. و لكن يبدو الآن أن هذا قد تغير الآن حيث أصبح لديها ما يكفي من المواد اللازمة لدعم البرنامج.

و كشفت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية “ناسا” أنه بعد التشاور مع وزارة الطاقة ، قررت رفع الحظر على استعمال “RTG” في برنامج بعثة ديسكفري ، وفقاً لمذكرة أرسلها جيمس غرين ، مدير قسم علوم الكواكب في ناسا.

Screenshot_16.jpg

وقالت وزارة الطاقة إن نجاحها الأخير في إنتاج المزيد من البلوتونيوم 238 في الولايات المتحدة ساعد وكالة ناسا على اتخاذ هذا القرار. و أنتج مختبر أوك ريدج الوطني التابع لوزارة الطاقة في ولاية تينيسي 350 جرامًا من المادة ، وسيتم دمج بعضها في مركبة المريخ القادمة التابعة لناسا.

كما قال متحدث باسم وزارة الطاقة في بيان إلى موقع “ذا فيرج” : “لقد أدت هذه النجاحات الأخيرة إلى تقليص المخاطر المرتبطة بمستلزمات البلوتونيوم المستقبلية ، وحققت في إعلان وكالة ناسا الأسبوع الماضي تضمين أنظمة الطاقة النظيرية المشعة في إعلان بعثة ديسكفري ” .

وتعد هذه الخطوة صفقة كبيرة بالنسبة للعلماء لأن الطاقة عنصر أساسي في أي مهمة فضائية – والطاقة النووية يمكن أن تفتح الأبواب لمدى قدرتها على القيام بمهامها في الفضاء. و تقول “لورا فورسيزي” ، وهي مديرة شركة أبحاث الفضاء والاستشارات “Astralytical”  : “أي نوع من القيود التي يتم فرضها على هذه البعثات يعني أن بعض الإكتشافات لا يمكن القيام بها”.

و بالإضافة إلى ذلك ، هناك العديد من الطرق للحفاظ على المركبة الفضائية في المقام الأول. و أحد الخيارات هو استخدام بطاريات خاصة أو خلايا وقود ، والتي تحرر الطاقة المخزنة التي تم إنشاؤها هنا على الأرض. لكن الطاقة من هذه البطاريات محدودة.

و غالبا ما تحتاج هذه المركبات إلى أن تحلق لسنوات عديدة في الفضاء. و هذا هو السبب في أن معظم المركبات الفضائية مزودة بألواح شمسية ، والتي تجمع الضوء باستمرار من الشمس وتحولها إلى طاقة كهربائية.

و تعد الطاقة الشمسية المصدر الآساسي بالنسبة لمركبات الفضاء التي تعمل بالقرب من الأرض أو في النظام الشمسي الداخلي ، حيث تكون أشعة الشمس قوية ومتوفرة.

و لكن بالنسبة للمركبات الفضائية التي تغوص في الفضاء السحيق ، فإن الطاقة الشمسية لا تصلها. حيث يصبح ضوء الشمس أضعف كلما سافرت بعيدا عن النظام الشمسي ، مما جعل من الصعب عليها الاعتماد على الطاقة الشمسية فقط.

الكثير من المركبات التي تقوم بمهمات إستكشافية في الفضاء البعيد الآن تستخدم “RTG” . وتقوم هذه البطاريات النووية حاليًا بتزويد معظم مركبات ناسا بأقصى حد من الطقة ، مثل مركبة الفضاء “نيو هورايزونز” التي وصلت الى كوكب بلوتو في عام 2015 ، فضلاً عن المركبة الفضائية “فوياجر” التي تدور خارج نظامنا الشمسي.

المصادر المحدودة و آفاق العلماء

في الوقت نفسه ، لا يوجد سوى 35 كيلوجرام من البلوتونيوم 238 المتاح الآن و الذي يمكن لوكالة ناسا استخدامه في مهماتها القادمة ، و نصفها فقط جاهز للإستعمال. و يتم حجز معظم المواد للاستخدام في مركبة المريخ التالية ، المسماة “مارس 2020”.

و تحجز ناسا أيضا حصة خاصة للمهمة الرابعة في برنامج “New Frontiers” ، والتي لم يتم اختيارها بعد حيث هناك الآن متأهلين للتصفيات النهائية للبعثة: مركبة فضائية لاستكشاف القمر تيتان لكوكب زحل و مركبة من شأنها أن تجلب عينات من أحد المذنبات. و يعتمد أحداها على تقنية “RTG” ، بينما تستخدم الأخرى الألواح الشمسية.

و يرى علماء ناسا أن عدم القدرة على توفير و استخدام “RTG “قد حد بشكل كبير من أنواع التصاميم التي توصل إليها الباحثون في بعثة ديسكفري. و عندما أعلنت ناسا نيتها اختيار مهمة جديدة للبرنامج في نهاية عام 2017 ، قالت الوكالة إن المقترحات قد تركز على استكشاف أي جسم في المجموعة الشمسية – باستثناء الأرض والشمس.

و بدون تقنية “RTG” ، سيكون من الصعب تشغيل الأدوات في مهمة تتجاوز المريخ. ويمكن القيام بذلك ، كما أثبتت مهمة “جونو” إلى كوكب المشتري ، ولكن قد يسمح استخدام “RTG” بمزيد من الخيارات حول نوع الأدوات التي يمكن أن تحملها المركبة الفضائية. و إذا تغيرت الخطط فهذا يغير تصميم المركبة الفضائية بالكامل.

و قد يكون التغيير ممكنًا نظرًا لوجود بعض الوقت قبل أن تكون مهمة ديسكفري الجديدة جاهزة ، مما يسمح بإنتاج المزيد من البلوتونيوم 238. و تخطط وكالة ناسا لنشر مسودة نهائية لمهمة ديسكفري لتقديم الطلبات في عام 2019 ، ومن ثم سيتم اختيار المتأهلين للتصفيات النهائية في عام 2021. و تم تأخير التاريخ المستهدف لإطلاق المركبة الفضائية إلى عام 2026.


اقرأ أيضا :


“TESS”، بعثة ناسا المقبلة لإسكتشاف الكواكب الخارجية

المصدر