الإمارات بقيادة طموحة تقوم ببناء قواعد تتجاوز حدودها

بعيدا وراء صفوف من أكواخ القصدير وأشجار السنط ، تستحضر مجموعة من الفلل التي هدمت والمساجد عظمة الميناء الذي كان في وقت سابق علامة الطرف الجنوبي للإمبراطورية العثمانية.و التي قال عنها “ريتشارد بيرتون”، وهو رحالة بريطاني في عام 1855 : “إن ميناء بربرة هو المفتاح الحقيقي للبحر الأحمر، ومركز حركة المرور في شرق أفريقيا، والمكان الآمن الوحيد للشحن على الشاطئ الغربي من إريتيريا”.

و بعد أن جاء كل من البريطانيون و الروس الى المنطقة لحقت بهم بعد ذلك وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في عام 1980، و التي أرادت بناء أكبر مدرج لها في أفريقيا كموقف طارئ لمركباتها الفضائية.

اما الآن فتعتبر الإمارات العربية المتحدة أحدث الواصلين الى بربرة. و في شهر مارس من العام الجاري، بدأت موانئ دبي العالمية و هي من أكبر مشغلي الموانئ على مستوى العالم ويقع مقرها في دبي، العمل من فندق بربرة على شاطئ البحر.

و قام المسؤولون بوضع بعض الأعلام الإماراتية على مكاتبهم، و صقلوا خططهم لتحويل ميناء يخدم جمهورية أرض الصومال الانفصالية والتي ستكون بوابة لما يصل الى 100 مليون شخص في إثيوبيا التي أصبحت من أسرع الاقتصادات الصاعدة في أفريقيا.

وبعد ثلاثة أسابيع كشفت الإمارات النقاب عن صفقة أخرى لاستئجار بعض القواعد الجوية والبحرية لمدة  25 عاما . واعربت جمهورية أرض الصومال “بونتلاند” عن سرورها من الاتفاق، و هو ما يعتبر اول اعتراف اقتصادى بجمهورية صغيرة. حيث سوف تملأ أمول البترودولار خزائن الحكومة، وتدعم جيشها الوليد.

قد جلس رجال الأعمال و المسؤولين على مائدة واحدة لمناقشة مشاريع محطات الطاقة الشمسية، وأسعار الأراضي وخطط الفنادق.و يعد بربرة أحدث سلسلة من الموانئ التي تستحوذ عليها دولة الإمارات على طول أكثر طرق الشحن ازدحاما في العالم.

و من ميناء جبل علي في دبي، أكبر ميناء في الشرق الأوسط، فإنه يمتد نطاقه على طول الحافة الجنوبية من الجزيرة العربية، حتى القرن الأفريقي إلى إريتريا ، و من Limassol  في قبرص الى بنغازي في البحر الأبيض المتوسط .

وقالت “ابتسام الكتبي” رئيس مركز الإمارات للسياسات، وأستاذ العلوم السياسية المساعد بـجامعة الإمارات : “اذا انتظرنا منع هذه التهديدات على حدودنا فقد نصبح متأخرين عن الركب الإقتصادي الذي تشهده المنطقة”.

كما تشعر الإمارات بالقلق من أن منافسيها قد ياخذون التجارة بعيدا عن ميناء جبل علي، و ينقلونها الى عمق الخليج. حيث يشكل التوسع السريع للموانئ في تشابهار في إيران والدقم في عمان ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية في المملكة العربية السعودية تحديا إقتصاديا.

ولكن مع تسارع الخطط ، يسأل المراقبون عما إذا كانت دولة الإمارات عازمة على “السعي لتحقيق النفوذ الإقليمي”، كما تقول “الكتبي”، ويعزو معظم المحللين هذا الدفع إلى ولي عهد أبوظبي البالغ من العمر 56 عاما، وهو محمد بن زايد. نائب قائد القوات المسلحة الإماراتية، والشقيق الأصغر لأمير أبو ظبي وهو أيضا رئيس دولة الإمارات.

ومع تدفق البترودولار، فقد حول البلد الصغير، الذي يبلغ عدد سكانه  حوالي 10 ملايين نسمة تقريبا (حوالي 1 مليون نسمة فقط من هم اماراتيين)، إلى ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم. بل و مشاريع طموحة لاستعمار المريخ.

و في عام 2014 فرض “بن زايد” التجنيد العسكري على مواطنيه المدللين، وأرسل العشرات إلى الحملة التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. وقبل ان يصبح الجنرال “جيمس ماتيس” و زيرا للدفاع في امريكا، اطلق على الامارات اسم “اسبرطة الصغيرة”. التي تسعى لضم بعض النقاط و الموانئ التي تسيطر عليها، وحتى  في سلطنة عمان  و زنجبار، التي نشطت فيها  الإمارات من جديد.

وقد فازت الإمارات باتفاق في بربرة و قاعدة “أساب” في إريتريا ، ولكن في مكان آخر فهناك حاجة للقوة. وفي  يوليو 2015، قاموا بالتعاون مع السعودية، بالسيطرة  على عدن، التي كانت في السابق أكثر الموانئ ازدحاما في الإمبراطورية البريطانية.

وبمساعدة القوات الأمريكية، سيطر الجنود الإماراتيون منذ ذلك الحين على ميناءي المكلا و الشحر، على بعد 500 كيلومتر شرقا، وجزيرتين يمنيتين في مضيق باب المندب، اين يمر 4 ملايين برميل من النفط كل يوم. و سارت القوات التي تقودها الإمارات في وقت سابق من هذا العام إلى ميناء المخا و هي تحاول ايضا ان تضع معالمها على الحديدة، أكبر ميناء في اليمن وآخرها خارج السيطرة الإماراتية.

كما دعم الأمير الانفصاليين في الصومال، مما ساعد على الوقوف على حد سواء في ولاية “بونتلاند”، بتمويل قوات الشرطة البحرية التابعة لها، و أرض الصومال و في ليبيا، أرسل الدعم العسكري إلى الجيش الوطني الليبي بقيادة “خليفة حفتر” .

لكن هذا لن يكون سهلا وقد يصطدم طموح الأمير بالمتربصين الآخرين بالمنطقة التي تعرف منذ القديم بالصراعات و التحالفات . حيث يقبع على على شواطئها الغربية كل من فرنسا والولايات المتحدة و التي لديها بالفعل قواعد كبيرة. كما تقوم الصين ببناء ميناء في جيبوتي. و من جانبها تتطلع إيران إلى إنشاء قواعد بحرية على ساحل اليمن الذي يسيطر عليه المتمردون.

المصدر