المركبة الفضائية “جونو” تكشف تفاصيل غير مسبوقة عن كوكب المشتري

تظهر المعلومات الجديدة التي أعدتها بعثة “جونو” الفضائية إلى المشتري أن الرياح الجوية لأكبر نظام في المجموعة الشمسية أعمق مما كان يعتقد في الأصل ، وفقا لما ذكرته وكالة ناسا على موقعها الإلكتروني.

و يتجه العلماء الى فهم أكثر لعوالم المشتري، حيث تكشف بيانات جديدة من وكالة ناسا عن كيفية تقلص و اختلاط سوائل الكوكب سواء على السطح أو في الطبقات الداخلية. و كل هذه الظواهر الفوضوية تكشف أن المشتري أكثر تعقيدًا من المتوقع.

أحد الإكتشافات التي تشير اليها ناسا هي أن الرياح التي تتدفق على سطح كوكب المشتري تمتد في العمق إلى داخل كوكب، مما يتسبب في اختلافات غريبة في مجال الجاذبية، كما وجد الباحثون. لأنه حتى في الأعماق الداخلية للكوكب ، تدور نواة الأعاصير الغازية كما لو كانت جسمًا صلبًا .

و بالإضافة الى ذلك فإن هذه الأعاصير الضخمة التي تظهر على سطح الكوكب تنقسم بين القطبين الشمالي و الجنوبي ، حيث تشكل أنماطًا شبيهة بالزهور ، و التي لم يتعرف العلماء على كيفية تشكلها حتى الآن.

هذه التفاصيل الجديدة ، التي تم الإعلان عنها في أربع وثائق من موقع “الطبيعة، تأتي من المركبة الفضائية “جونو” التابعة لناسا ، والتي كانت تدور حول كوكب المشتري منذ منتصف عام 2016.

“جونو” تدور في مدار إهليجي، و هو مسار يأخذ المسبار بالقرب من سطح المشتري مرة كل 53 يومًا. و خلال هذه الفترات ، تمر المركبة الفضائية على مسافة بحوالي 4000 كلم من سحاب المشتري ، مما يسمح لأجهزته بجمع البيانات عن كثب.

يقول “Tristan Guillot” ، عالم الكواكب في جامعة “كوت دازور” في فرنسا و مؤلف رئيسي في البحوث : “لم نكن قريبين من هذا الكوكب العملاق من قبل”. “و على الرغم من أنه سريع جدًا … إلا أن “جونو” لا تزال قادرة على إجراء هذه القياسات الدقيقة”.

و فيما يلي الاكتشافات الجديدة التي أعلنت عنها ناسا :

الرياح العميقة

Screenshot_19.jpg

يدرس مسبار “جونو” حقل جاذبية المشتري ( أي إلى أي مدى يمتد تأثير جاذبيته إلى الفضاء). حيث يكشف العلماء الآن أن جاذبية الكوكب ليست منتظمة طوال الوقت. و في الواقع إنها غير متماثلة بشكل غير متوقع.

وتجدر الإشارة الى ان كوكب المشتري هو في الأساس عبارة عن كرة عملاقة من الغاز السائل ، و يعتقد العلماء أنه يدور في الغالب بالتناوب بنفس المعدل. و إذا كان الأمر كذلك ، فسيكون حقل الجاذبية متماثلاً إلى حد ما.

و يقول “Guillot” : “إن حقيقة اكتشافنا لهذه الاختلافات في مجال الجاذبية بين القطبين الشمالي و الجنوبي تعني أن هناك شيئًا مختلفًا في قطبي الكوكب”.

و وفقا لواحدة من الأوراق البحثية يبدو أن هذا الإختلاف هو الرياح العميقة ،حيث أن لدى كوكب المشتري مجموعات من الأعاصير التي تتقاطع على طول سطح الكوكب وتدور بسرعات مختلفة و أحيانًا ما تتفاوت بنسبة تصل إلى 350 كلم/س (100 متر في الثانية).

و يعتقد الكثيرون أن هذه الأعاصير قد تكون موجودة على السطح الخارجي للكوكب ، مثل الرياح على الأرض. لكن الآن يشير العلماء الى أن هذه الظواهر تمتد في أعماق الكوكب- حوالي 3000 كيلومتر.

و من شأن هذه التدفقات العميقة أن تغير في الواقع كيفة دوران أجزاء من باطن الكوكب. وبما أن الرياح مختلفة في نصفي الكوكب الشمالي والجنوبي ، فهي تفسر اختلاف حقول الجاذبية لكل منهما.

يقول “جوناثان فورتني” ، عالم الكواكب في جامعة كاليفورنيا بسانتا كروز: “الآن نعرف بشكل قاطع أن الرياح السطحية عميقة للغاية ، وما نراه بالفعل هو كيف تتحرك [السوائل] في الداخل”.

نواة سائلة تدور مثل مادة صلبة

تشير أيضًا بيانات “جونو” إلى شيء أعمق بكثير من الرياح العميقة في داخل الكوكب : نواة سائلة تدور مثل مادة صلبة. و حدد العلماء حقل جاذبية كوكب المشتري ، ثم استخدموا تلك المعلومات لتكوين نموذج للجزء الداخلي من الكوكب.و تشير هذه النماذج إلى أن جوهر المشتري – الذي يتكون معظمه من الهيدروجين والهيليوم – يدور كجسم صلب على الرغم من أنه عبارة عن سائل.

و يعتقد “Guillot” أن ذلك قد يكون بسبب أن الغازات الموجودة داخل النواة مشحونة كهربائيًا. هذا يتسبب في دوران السوائل في الطبقة المغناطيسة من المشتري ، وهو مجال كبير يحيط بالكوكب وتولده تيارات كهربائية داخلية. حيث  يتلاعب المجال المغنطيسي بكيفية تحرك الجسيمات حول المشتري و في الداخل كذلك.

يقول “Guillot” : “لدى المشتري حقل مغناطيسي ضخم ، وهو يجرف التدفق في كل مكان”. “هذا هو السبب وراء الدوران الداخلي العميق و المتناوب”.

أعاصير تدور حول أعاصير أخرى

pia22335-16.jpg

كشف مسبار “جونو” بالفعل أن هذه الأعاصير ، و التي يكون بعضها بحجم الأرض ، تتوزع بين القطبين الشمالي و الجنوبي للمشتري. لكن الصور الجديدة التي التقطت في ضوء الأشعة تحت الحمراء تظهر أن الأعاصير تشكل في الواقع نمطًا غريبًا. حيث في القطب الشمالي ، تحيط خمسة أعاصير بإعصار واحد ، مثل البتلات في زهرة. وفي القطب الجنوبي يحيط بأحد الأعاصير ثمانية اعاصير أخرى.

و استمرت الأعاصير في هذا النمط بشكل أساسي منذ وصول “جونو” إلى المشتري، و يقول “ألبرتو أدرياني” ، العالم في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في إيطاليا والمؤلف في البحوث ، لموقع “ذا فيرج” : “لم نشهد أي تغييرات كبيرة في هذه الظاهرة” .

و يعتقد “أدرياني” أن الأعاصير قد تكونت نتيجة لمزيج من سرعة دوران الكوكب والحرارة في المناطق القطبية الشمالية والجنوبية. ومع ذلك ، لا يزال هناك الكثير من الأشياء المجهولة: من غير الواضح ما إذا كانت الأعاصير قد تشكلت بالضبط في مكانها ، وكيف أنها تبقى في هذا النمط دون إندماج. ويضيف  أدرياني:  “حتى الآن من الصعب القول لأن هذه هي الملاحظات الأولى التي لدينا “.

و لحسن الحظ ، ستبقى المركبة الفضائية “جونو” تدور في مدار كوكب المشتري لبضع سنوات أخرى على الأقل ، لذلك سنتعرّف أكثر على هذا الأمر قريبًا. و يضيف “أدرياني” : “إننا نحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات حول هذا الكوكب”.


اقرأ أيضا :


ناسا تنشر صورًا إلتقطتها المركبة الفضائية “نيو هورايزونز” من أبعد مسافة عن الأرض

المصدر