علماء الفلك يكتشفون مجموعة جديدة من الأقمار حول كوكب المشتري

تم تأكيد وجود عشرة أقمار أخرى في مدار كوكب المشتري ، وبذلك يصل إجمالي عدد الأقمار المعروفة التي تدور حول الكوكب الغازي العملاق إلى 79. وهذا هو أعلى عدد من أقمار تم رصده في النظام الشمسي. و ستعطي هذه الأجسام الفضائية المكتشفة حديثا الفلكيين فكرة عن السبب الذي يجعل نظام المشتري يبدو كما هو عليه اليوم.

و عثر علماء الفلك في معهد كارنيجي للعلوم لأول مرة على هذه الأقمار في مارس 2017 ، إلى جانب اثنين آخرين تم تأكيدهما بالفعل في يونيو من العام الماضي. وحدد الفريق في البداية جميع الأقمار الـ 12 التي باستخدام تلسكوب “Blanco 4-meter” في تشيلي ، على الرغم من أن العثور على هذه الأقمار لم يكن هدفهم الرئيسي.

و بدلا من ذلك ، كان الفريق يبحث عن أشياء صغيرة بعيدة – أو حتى كواكب – قد تكون كامنة في نظامنا الشمسي خارج نطاق كوكب “بلوتو”. لكن عندما بحثوا عن هذه الصخور الفضائية الصغيرة ، قرروا إلقاء نظرة على ما يمكن أن يكمن في مدارات كوكب المشتري. والآن ، تمت ملاحظة الأقمار التي عثروا عليها عدة مرات ، وتم تحديد مداراتها الدقيقة للموافقة عليها من الاتحاد الفلكي الدولي ، الذي يعترف رسمياً بالأجرام السماوية.

هذه الأقمار كلها صغيرة جدًا ، حيث تتراوح أقطارها بين ميل إلى ميلين تقريبًا. وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع مختلفة. إثنان منها يدروات بالقرب من المشتري ، حيث يتحركان في نفس اتجاه دوران الكوكب. و في مدار أبعد من ذلك ، بحوالي 15.5 مليون ميل من الكوكب ، هناك تسعة تدور في الاتجاه المعاكس تتحرك ضد دوران المشتري.

ولكن في هذه المنطقة البعيدة نفسها ، رصد العلماء قمرًا غريبًا يسميه الفلكيون “Valetudo” حيث يتحرك في نفس اتجاه دوران المشتري ، مثل القمران الداخليان. و هذا يعني أنه يسير في الاتجاه المعاكس لجميع الأقمار الأخرى في نفس المنطقة.

Juts-800x500

و يقول “سكوت شيبارد” ، عالم الفلك في جامعة كارنيجي ، والذي قاد فريق الاكتشاف: “إنها تسير في الأساس على الطريق السريع في الاتجاه الخاطئ و هذا وضع غير مستقر للغاية فمن المحتمل حدوث تصادمات مباشرة في هذه الحالة “.

“Valetudo” ليس القمر الوحيد للمشتري الذي يعمل بهذه الطريقة. كما يدور قمر آخر يدعى “Carpo” في مكان بعيد عن كوكب المشتري ، ويتحرك في الاتجاه المعاكس لكثير من الأقمار الأخرى في المنطقة. ومع ذلك ، يدور “Valetudo” أبعد بكثير من “Carpo”، وربما يكون في الواقع أصغر أقمار المشتري التي تم رصدها حتى الآن.

و مع هذا الاكتشاف ، يعتقد علماء الفلك أنه دليل جيد على حدوث تصادمات بين أقمار المشتري في الماضي ، وهذه هي الظاهرة المسؤولة عن تشكل هذه الصخور الفضائية حول الكوكب . و يضيف شيبارد: “ربما يكون Valetudo ، على بعد كيلومتر واحد فقط ، آخر البقايا لقمر أكبر بكثير تحول إلى غبار نتيجة التصادمات بمرور الوقت”.

يمكن أن يكون العثور على أقمار حول المشتري أمرا صعبا بالنسبة للعلماء . وباعتباره أكبر كوكب في نظامنا الشمسي ، فإن له مساحة كبيرة جدًا ، لذا هناك الكثير من المساحة التي يمكن أن تتواجد فيها الأقمار. من الصعب البحث عن هذه المنطقة في الوقت المناسب باستخدام التلسكوب.

Jupiter_Moons

و يقول “شيبارد”: “يشبه الأمر بالبحث في كومة قش ، و لكننا لا نستطيع أن نغطي العديد من النقاط حول كوكب المشتري حيث يمكنك البحث عن هذه الأجسام “. وبما أن المشتري كبير للغاية ، فهو يعكس الكثير من الضوء. هذا يعني أنه يمكن أن يكون هناك الكثير من الوهج عند البحث عن أقمار خافتة في جميع مدارات الكوكب”.

ويحتوي تلسكوب “Blanco” و الذي يستخدمه العلماء للعثور على هذه الأقمار على أكبر كاميرا من أي تلسكوب من نوعه في العالم ، و قد سمحت لعلماء الفلك بتغطية مساحة كبيرة من الفضاء حول كوكب المشتري في فترة زمنية أقصر. بالإضافة إلى ذلك ، فإن كاميرا “Blanco” مظللة بشكل جيد ، و التي ساعدت في تقليل الوهج والضوء المنبعث من كوكب المشتري.

وهذا أيضًا يجعل “Blanco” مفيدا كثيرا في رحلة علماء الفلك للعثور على أشياء باهتة وبعيدة للغاية ، وهذا هو السبب في أن علماء كارنيجي يستخدمون التلسكوب لإجراء مسحا واسعًا للأجرام السماوية فيما وراء نطاق “بلوتو”.

و أثناء عملية الرصد في شهر مارس من العام الماضي ، لاحظ الفريق التغييرات حول كوكب المشتري بشكل مباشر. لذا قرّروا القيام بمهام متعددة : كانوا يبحثون عن الأجسام المتحركة في نفس مدار المشتري – أقمار محتملة – وكذلك الأجسام التي تتحرك ببطء أكثر في النظام الشمسي البعيد.

و بعد تحديد 12 من أقمار المشتري المحتملة ، قاموا بإعادة مراقبة الكوكب بعد شهر ، ثم مرة أخرى في مايو من هذا العام بتلسكوبات مختلفة لتأكيد ما رأوه.

يعتقد “شيبارد” أن هذا العدد الجديد من الأقمار يروي قصة كبيرة عن ماضي المشتري.و يجادل الفلكيون بأن تلك الأقمار التسعة ، كلها تتحرك في نفس الاتجاه بعيدًا عن الكوكب ، قد تكون في الواقع قطعًا لقمر أكبر كان موجودًا منذ فترة طويلة. وبعضها يتقاسم سمات محددة مع بعضها البعض ، مثل الزوايا المدارية نفسها ، مما يجعل العلماء يعتقدون أن هذه الأقمار هي في الواقع أجزاء من ثلاثة أقمار أكبر.

كل هذه الأقمار الجديدة مثيرة لعلماء الفلك لأنها تضاف إلى مجموعة كبيرة بالفعل من الأشياء التي تحيط بالمشتري والتي ترجع الى الأيام الأولى للنظام الشمسي. على عكس الأقمار الداخلية الكبيرة للكوكب ، مثل “يوروبا” و “Io” ، و يُعتقد أن هذه المجموعة الكبيرة من الأقمار التي تدور في مكان بعيد عن كوكب المشتري تتكون من نفس المادة التي كانت بمثابة لبنات البناء للكواكب.

و يقول العلماء ان هذه القطع من الصخور والغبار كانت تطفو على الأرجح حول الشمس بينما كانت تتشكل ، وبدلاً من أن تتشكل في كواكب أخرى ، تم الاستيلاء عليها بواسطة سحب جاذبية الكوكب الغازي العملاق. لكن كيفية حدوث هذه الظاهرة لا تزال غامضة حتى الآن .

ويقول “دوجلاس هاميلتون” ، عالم فلك في جامعة “ميريلاند” ، الذي لم يشارك في الاكتشاف : “السؤال الذي نريد ان نصل اليه إذا أردنا أن نفهم كيف تكوّن المشتري هو ما هي البيئة التي سمحت بجذب هذه الأقمار ؟”.

لكن من المحتمل أن المزيد من الأقمار مثل هذه تدور حول كوكب المشتري ، و في انتظار رؤيتها. و تحديد موقعها ، أصبحنا نتعلم المزيد عن كيف أصبح كوكب المشتري الكوكب الذي هو عليه اليوم.

و يضيف “هاميلتون” : “ما نراه هو مجرد قمة جبل الجليد فكلما قمنا بالتركيز أكثر في مساحة أصغر ، ازداد عدد الأقمار التي نجدها”.

التلسكوب الراديوي الفائق “MeerKAT” يلتقط صورة مذهلة لثقب أسود هائل في مركز مجرة درب التبانة

المصدر

تعليقان

    التعليقات معطلة.