نشر علماء من معهد الأبحاث الأمريكي “ساوث ويست” (SWRI) دراسة جديدة حول اكتشاف جزيئات عضوية معقدة على سطح قمر إنسيلادوس ، أحد أقمار كوكب زحل الـ 53.
و باستخدام بيانات قياس الطيف الكتلي من المركبة الفضائية “كاسيني” التابعة لناسا ، وجد العلماء أن جزيئات عضوية كبيرة غنية بالكربون تنبعث من الشقوق في السطح الجليدي لـ قمر إنسيلادوس. و يعتقد علماء معهد “ساوث ويست” أن التفاعلات الكيميائية بين القلب صخري من القمر والمياه الدافئة من المحيطات على سطحه ترتبط بهذه الجزيئات المعقدة.
و يجعل هذا الإكتشاف للجزيئات العضوية المعقدة من محيط سائل من إنسيلادوس الجسم الوحيد إلى جانب الأرض الذي يحتوي على كل المتطلبات الأساسية للحياة كما نعرفها ، كما قال الباحث المشارك “كريستوفر غلين” في بيان صحفي.
و علميا يعتبر الهيدروجين كمصدر للطاقة للميكروبات التي تعيش بالقرب من المخارج الحرارية المائية في محيطات الأرض ، لذلك يشك الباحثون في أن الهيدروجين في قمر إنسيلادوس يتشكل بسبب النشاط الحراري المائي.
هذا ليس أول اكتشاف للجزيئات العضوية في إنسيلادوس. ومع ذلك ، كانت الاكتشافات السابقة من جزيئات بسيطة مع كتل أقل من 50 وحدة كتلة ذرية . هذه الجزيئات المكتشفة حديثا لديها كتل أكبر من 200 وحدة كتلة ذرية ومع ذلك ، فإن ذرة واحدة من (الكربون 12) تمثل 12 وحدة كتلة ذرية ، لذا فإن هذه الجزيئات “المعقدة” ضئيلة للغاية.
و في حين أن هذا قد لا يكون دليل دامغ على اكتشاف حياة خارج كوكب الأرض ، فالكثير من العلماء يدرسون منذ عقود هذه الجزيئات التي تقربنا من اكتشاف حياة أخرى.
و كما أشار “غلين” في البيان ، فإن بعثات الفضاء المستقبلية يمكن أن توفر تحليلا أكثر عمقا لأعمدة الإنبعاثات من إنسيلادوس، وربما تساعد العلماء على معرفة كيفية ظهور الجزيئات المعقدة للقمر بالضبط ، وما هي نوع العمليات البيولوجية التي تحدث تحت سطحه الجليدي.
و يقول العلماء أن هذه الظاهرة تشبه ما يحدث هنا على الأرض حول الفتحات الحرارية المائية والفتحات البركانية في قاع البحر و التي تطلق الحرارة في مياه المحيط.
و غالباً ما تكون هذه الفتحات الحرارية المائية الأرضية بعيدة عن ضوء الشمس ، والذي يؤدي إلى عملية التمثيل الضوئي التي تعتمد عليها الغالبية العظمى من أشكال الحياة على الأرض.
لكن الحرارة المنبعثة من الفتحات تسمح بإجراء عملية مختلفة : (التخليق الكيميائي). حيث تقوم البكتيريا حول فتحات التهوية بتسخير الطاقة الكيميائية ، مثل التفاعل بين كبريتيد الهيدروجين من فتحة التهوية والأكسجين من مياه البحر ، لإنتاج جزيئات السكر (غذاء).
وقال الفيزيائي “هانتر وايت” من معهد “ساوث ويست” و هو باحث رئيسي في بعثة “كاسيني” : ” يوفر الهيدروجين مصدرا للطاقة الكيميائية التي تدعم الميكروبات التي تعيش في محيطات الأرض بالقرب من المخارج الحرارية المائية”.
و أضاف : “بمجرد تحديد مصدر غذاء محتمل للميكروبات ، فإن السؤال التالي هو : ” ما هي طبيعة الكائنات العضوية المعقدة في المحيط؟ … تمثل هذه الورقة البحثية الخطوة الأولى في هذا الفهم – التعقيد في الكيمياء العضوية الذي يخالف توقعاتنا! “.
و يقول علماء ناسا أنه من المحتمل أن يكون المسبار المستقبلي قادراً على الغوص من خلال أعمدة الإنبعاثات ، و الذي سيكون مزودا بمطياف الكتلة عالي الدقة ، لتحليل تلك الجزيئات بمزيد من التفصيل و مع تكنولوجيا أكثر تقدمًا.
نشرت الدراسة في مجلة Nature.
انتهت مهمة “كاسيني” المشتركة بين ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الإيطالية في عام 2017.
و قبل انتهاء مهمتها في سبتمبر عام 2017 ، أخذت “كاسيني” عينات من المادة الناشئة من باطن سطح قمر إنسيلادوس . و قام جهاز تحليل الغبار الكوني (CDA) و مطياف الكتلة (INMS) بإجراء قياسات داخل كل من أعمدة الانبعاثات و حلقة “E” من كوكب زحل ، والتي تكونت بواسطة الحبيبات الجليدية التي أفلتت من جاذبية إنسيلادوس.
وقال “غلين” : “حتى بعد نهايتها ، تواصل سفينة الفضاء كاسيني تعليمنا عن إمكانات قمر إنسيلادوس لتعزيز مجال علم الأحياء الفضائية في عالم المحيطات”.
مضيفا : “توضح هذه الدراسة قيمة العمل الجماعي في علم الكواكب. حيث تعاونت فرق الباحثين للوصول إلى فهم أعمق للكيمياء العضوية للمحيطات على سطح إنسيلادوس “.